ويتحقق الوعد الإلهي

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

في هذا الشهر الفضيل كانت معركة بدر الكبرى والتي فيها قابل المسلمون على قلة عددهم وشحة السلاح الذي يملكونه والإفتقار للعدة التي تساعدهم على تحمل وطأة الحرب وتُشجعهم على بذل الجهد في سبيل الوصول إلى الهدف وقطع دابر الكفر ، قابلوا جحافل جيش الشرك المدجج بالسلاح والفائق عدداً بأضعاف عدد المسلمين والحاوي للعدة التي تُعينه على الإنتصار ، إلا أن افتقار ذلك الجيش للمدد الإلهي بسبب جحوده وكفره وانققياده للشيطان الرجيم كان سبب هزيمتهم على أيدي المسلمين الذين كانوا يُقاتلون عن عقيدة وإيمان راسخين بأنهم سيحظون بإحدى الحسنيين إما النصر المؤزر ببركات قائدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وإما الشهادة والفوز بنعيم الجنان
نعم إن جيش المشركين كان خاوياً مع ما يملك من عتاد وما يفوق به من عدد ، وذلك لتطلعه إلى الدنيا ، وتلهفه على زخارفها الفانية والتي ضمتها قافلة أبا سفيان
نعم لقد التقى الجيشان في السابع عشر من رمضان في العام الثاني للهجرة المباركة في مكان يدعى بدر بعد أن أفلت أبو سفيان بقافلته التي كانت مستهدفة من قبل المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وآله ليُضعضِعوا بها كبرياء قريش ويقضوا على الركيزة الباقية لهم بعد أن هُزموا مرات ومرات من قبل من أرادوا قتله على فراشه وتفريق دمه بين القبائل لأنه سفه أصنامهم وأرعب قلوبهم بكثرة الداخلين في حضيرة الإسلام
نعم لقد أضاع رسول الله صلى الله عليه وآله هيبة قريش وحطم غرورهم ولم تبقى لهم قوة بعد هجرته إلى المدينة إلا قوة الإقتصاد فأراد صلى الله عليه وآله أن يقضي عليها ليتاهووا صاغرين مُعلنين الإستسلام
نعم لقد كانت قافلة أبا سفيان هي الهدف الذي لو تمكن منها رسول الله صلى الله عليه وآله بمعية المسلمين لقصم ظهور المشركين ولهد أركانهم وجعلهم أذلة صاغرين
إلا أن القافلة وبدهاء أبي سفيان تمكنت من الوصول إلى مكة لتكون المواجهة والقتال هما السبيل لرفعة الدين بعد أن تجمع ذلك الجيش بجحافله في العدوة القصوى المقابلة للعدوة الدنيا التي اجتمع فيها المسلمون ، مصراً ذلك الجيش البائس على المواجهة ليحامي عن أمواله بقوة السلاح لتبدأ بذلك معركة بدر والتي استشار فيها رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه ليأخذ رأيهم ويستطلع ما في نفوسهم فكانت المعارضة من بعضهم وكان من بينهم عمر بن الخطاب وكان من المهاجرين فأبدىمعارضته وتحذيره لرسول الله صلى الله عليه وآله من مواجهة قريش وأخذ يخوفه جاهلاً بأن رسول الله لا يفعل أمراً إلا بإذن الله ولا يقدم على فعل إلا بمباركة الله وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو غلا وحي يوحى
نعم قال عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله يا رسول اللّه، إنَّها قريش وعزّها، واللّه ما ذلت منذ عزت، ولا آمنت منذ كفرت، واللّه لا تسلم عزها أبداً ولتقاتلنك، فاتهب لذلك أهبته، وأعدّ لذلك عدّته ليقف في مقابل هذا الكلام العقيم المقداد بن عمرو وهو من المهاجرين أيضاً قائلاً يا رسول اللّه امضِ لما أراك اللّه فنحن معك، واللّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ 24 سورة المائدة ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا فإنَّا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحقّ، لو سرت بنا إلى برك العماد موقع من وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر لجالدنا معك من دونها حتّى تبلغها وبعد أراد رسول الله أن يستطلع رأي الأنصار الذين عاهدوه أن ينصروه في بلدهم فأتاه الجواب من سعدبن معاذ حيث قال قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحقّ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامضِ يا رسول اللّه لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحقّ لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلّف منّا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنَّا لَصُبُرٌ في الحرب، صُدُق عند اللقاء، لعلّ اللّه يريك منّا ما تقرّ به عينك، فسر على بركة اللّه عندها حفز رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه على القتال وبشرهم بوعد الله له بأن تكون له إحدى الطائفتي وقد أفلتت القافلة
ووعد الله سيكون بالنصر المؤزر للمسلمين في معركة بدر الكبرى
لتشتعل نار الحرب في صبيحة يوم الجمعة ليكون أول ضحايا المشركين فيها الأسود بن عبد الأسد المخزومي الذي قُتل على يد الحمزة بن عبد المطلب بعد أن حاول هدم حوض الماء الذي بأيدي المسلمين ، ومن بعده برز عتبة بن ربيعه يحف به شيبه أخوه والوليد ابنه داعياً إلى المبارزة فخرج له 3 من الأنصار فلم يقبل بهم ودعا إلى من هم أكفاء له ولمن معه فاستجاب رسول الله صلى الله عليه وآله لطلبه وأخرج لهم عبيدة بن الحارث والحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب عليه السلام وسرعان ما قتل الحمزة شيبة وقتل علي الوليد أما عبيده فقد جَرح عتبه وجُرح هو أيضاَ ، فانقضا كلٌ من علي والحمزة على عتبه وقتلاه وقد توفى عبيدة متأثرا بجراحه لتسير المعركة بعد ذاك في صالح المؤمنين بمؤازرة ثلة من الملائكة وشارك رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين في حربهم هذه حتى أن علياً عليه السلام قد قال لما أن كان يوم بدر وحضر البأس، التقينا برسول اللّه، وكان أشدّ النّاس بأساً، وما كان منّا أحد أقرب إلى العدو منه
ليكون النصر حليفاً للمسلمين على قلة عددهم وعتادهم حيث كانوا لا يتجاوزن 313 رجلاً ولم يكن لديهم سوى سبعين بعيراً كان كلّ ثلاثة يتناوبون على واحداِ منها، ومن الخيول سوى اثنتين في مقابل جيش الضلال الذي ناهز الألف فارس مدججين بالعدة والعتاد ، ليبدأ التحول في مجرى الأموربين المسلمين والكفار لتعلو كلمة الدين وتهتز عقيدة المشركين ويعز الله نبيه ومن معه على أعدائهم بفضل العقيدة الراسخة لمن هو حبيب لرسول الله وسيف لله جل وعلا امير المؤمنين علي عليه السلام حيث تتابعت المعارك والغزوات بعدها وكان لعلي البصمة على رقاب الأعداء ولسيفه الكرة التي بها فصلت الرؤوس عن الأجساد وأطاحت باحصون والقلاع لينتهي الأمر بأعداء الدين أسراء أذلاء خاسئين مخزيين بعد فتح مكة مستسلمين للدين الحنيف في مقابل إطلاق سراحهم والعفو عنهم من قبل نبي الرحمة وذو الخُلق العظيم ليكونوا بذلك طلقاء خير النبيين ليدخل الناس بعدها في دين الله أفواجاً رغماً عن المعاندين

فالحمد لله على أن جعلنا من السالكين لنهج النبي الأمين وممن اقتدى بعترته الطيبين الطاهرين وأتممنا بهم ليكونوا لنا هداة مهديين
صــ آل محمد ــ

داح